من هو مؤلف سلسلة العبقريات في الأدب العربي

من هو مؤلف سلسلة العبقريات في الأدب العربي تلك السلسلة العظيمة التي مجدت وأرخت لأفضل وأعظم شخصيات الإسلام وعلى رأسهم رسول الله ﷺ، والتي كانت ولا زالت مرجع مهم يلجأ إليها ويستشهد بها الكثيرين من الكُتاب والمؤرخين عند الكتابة حول هذه الشخصيات، فتناولت تلك السلسلة العبقرية الفذة والسير الذاتية لهؤلاء العِظام عن قُرب وألمت بجميع جوانب حياتهم، ونحن من خلال موقع مجالات حريصين أن نوفر إجابة وافية حول صاحب تلك السلسلة التي يكثر البحث عنها والتعرف على حياته الشخصية عن قُرب.

سلسلة العبقريات

سلسلة العبقريات هي مجموعة من المؤلفات الفكرية، تضم أكثر من إصدار وكتاب وتشمل سيرة وعبقريات النبي ﷺ والمسيح عيسى بن مريم وكذلك الخلفاء الراشدين، وهذه السلسلة ليست مجرد سرد لأحداث التاريخ فقط؛ إنمّا هي مجموعة من المؤلفات تُبرز العبقريات التي تمتع بها أصحاب هؤلاء السير، -وكما ذكرنا- أن هذه السلسلة ذات شأن في دراسة طباع وعقليات أصحابها عن قُرب ويتخذها الكثيرون كمرجع قوي وموثق عن دراسة شخصياتها، وتتكون هذه السلسلة من:

  • عبقرية محمد.
  • وعبقرية عمر.
  • عبقرية الصديق.
  • وعبقرية عثمان.
  • عبقرية الإمام علي.
  • وعبقرية خالد.
  • عبقرية المسيح (حياة المسيح).
موعد راس السنة الميلادية الجديد 2022

من هو مؤلف سلسلة العبقريات في الأدب العربي

تُنسب سلسلة العبقريات التي آثرت الأدب العربي وأصبحت علامة بارزة فيه، هو الكاتب والمفكر والأديب المصري الراحل عباس العقاد، والعقاد من أبرز كُتاب القرن العشرين بمصر؛ فله العديد من الإسهامات الفكرية والسياسية والتي جاوزت المئة مؤلف وكتاب في شتى المجالات، فالعقاد موسوعة فكرية فذة نظرًا لثقافته الواسعة والتي جعلت منه كاتبًا ومفكرًا وأديب وفيلسوف وسياسي ومؤرخ، كل هذا وأكثر جعل تاريخه ملئ بالمعارك الأدبية والفكرية مع كبار أدباء وشعراء العصر أمثال نجيب محفوظ والشاعر أحمد شوقي ومصطفى صادق الرافعي وغيرهم.

اقرأ أيضًا: من هي أم زينب العلوان ويكيبيديا

من هو عباس العقاد

هو عباس محمود العقاد أديب ومفكر وشاعر مصري من مواليد محافظة أسوان جنوب مصر بالثامن والعشرين من يوليو عام 1889 م الموافق 29 شوال 1306 هـ، والده مصري ذو أصول كردية، وحصل العقاد على الشهادة الابتدائية من مدرسة أسوان الأميرية عام 1903 م، وهو في سن الرابعة عشر ولم يستطع العقاد من إكمال دراسته بعد ذلك؛ نظرًا لموارد الأسرة المحدودة التي لم تمكنه من السفر للقاهرة كأولاد الأعيان آنذاك، فاعتمد العقاد على ذكائه وفطنه في تثقيف نفسه حتى صار ما أصبح عليه لاحقًا، نتيجة لصبره على التعلم ومواصلة تعليمه لذاته حتى أصبح من المتقنين للغة العربية بالإضافة إلى الإنجليزية والتي تعلمها نتيجة مخالطته للأجانب بالأقصر وأسوان، وهذا مكنه من مطالعة الثقافات الأخرى.[1]

وظائف العقاد

تقلد العقاد العديد من المناصب والوظائف الحكومية في بداية حياته، حيث عمل في مديريات الحكومة ومصالح السكة الحديد والتليغراف والبرق هذا بالإضافة إلى عمله بديوان الأوقاف، لكنه استقال واستغنى عنهما الواحدة تلو الأخرى بعد أن مل الروتين الحكومي وكتب في ذلك مقاله المشهور تحت اسم (الاستخدام رق القرن العشرين) عام 1907 م، إذ يقول فيه:

“ومن السوابق التي أغتبط بها أنني كنت فيما أرجح أول موظف مصري استقال من وظيفة حكومية بمحض اختياره، يوم كانت الاستقالة من الوظيفة والانتحار في طبقة واحدة من الغرابة وخطل الرأي عند الأكثرين. وليس في الوظيفة الحكومية لذاتها معابة على أحد، بل هي واجب يؤديه من يستطيع، ولكنها إذا كانت باب المستقبل الوحيد أمام الشاب المتعلم فهذه هي المعابة على المجتمع بأسره، وتزداد هذه المعابة حين تكون الوظيفة كما كانت يومئذ عملا آليا لا نصيب فيه للموظف الصغير والكبير غير الطاعة وقبول التسخير، وأما المسخر المطاع فهو الحاكم الأجنبي الذي يستولي على أداة الحكم كلها، ولا يدع فيها لأبناء البلاد عملا إلا كعمل المسامير في تلك الأداة”

ثم اتجه بعد ذلك للعمل الصحفي معتمدًا على ثقافته الواسعة فكون مع محمد فريد وجدي جريدة الدستور في بدياته التي أتاحت له فرصة للتعرف على سعد زغلول، لتتوقف الجريدة عن الإصدار بعد فترة ويبحث عن مصدر للدخل فيضطر لإعطاء الدروس ليقتات منها، ومنها تنقل لأكثر من جريدة أخرى مثل (الأهالي، المؤيد، الأهرام…).

عمله بالسياسة

بعد توجهه للعمل بالصحافة أصبح من كبار المدافعين عن حقوق الإنسان والمناهضين للظلم ومن المطالبين بالاستقلال، ليدخل في معارك شديدة الوطيس مع الملك والقصر ليذيع صوته في أرجاء البلاد، ليُنتخب بعد ذلك عضوًا في مجلس النواب المصري ويُسجن على غرار هذا قرابة التسعة أشهر بعد أن وقف بوجه الملك فاتهم بالعيب في الذات الملكية عام 1930 م؛ حين أراد الملك فؤاد اجتزاء عبارتين من الدستور هما (أن الأمة مصدر السلطات، الوزارة مسؤولة أمام البرلمان)، فوقف في وجه هذا المشروع بقوة وقال حينها عبارته المشهورة: “إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه” وينتهي هذا بسجنه بالنهاية.

ثم يتلو ذلك موقفه ومعادته للنظام النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وصدامه مع أبواق النازية بمصر والذين بدورهم وضعوا اسمه على قوائم المطلوبين للعقاب مع قُرب دخول جنود روميل مصر، فاضطر العقاد للهروب بحياته من عقاب الزعيم النازي أدولف هتلر، فاتجه للسودان عام 1943 م ولم يرجع منها إلا عند هزيمة حلف المحور وانتهاء الحرب.

فكره ومعاركه الأدبية

كان العقاد من أصحاب الفكر والثقافة العميقة فكان موسوعة من المعرفة، كما قرأ وتعمق بالتاريخ والفلسفة الإنسانية وكذلك علم النفس والاجتماع، وهذا نتج عن اطلاعه الواسع في شتى المجالات وأول ما بدأ العقاد به حياته الأدبية كتاباته الشعرية ليتنقل منها للفلسفة والتاريخ الإسلامي وباقي الفروع التي كتب بها، فدافع كثيرًا عن الإسلام والإيمان، بالإضافة إلى دفاعه عن الحرية ضد المذاهب كالشيوعية والوجودية هذا بخلاف كتاباته عن المرأة.

هذا بالإضافة إلى معاركه الأدبية الشهيرة مثل معاركه مع مصطفى صادق الرافعي حول فكرة إعجاز القرآن واللغة بين الإنسان والحيوان، وكذلك مع طه حسين في فلسفة أبو العلاء المعري، والعديد من المعارك الأخرى مثل نجيب محفوظ، ومع الشاعر جميل صدقي الزهاوي وغيرهم والذي قام عامر العقاد بجمعهم بكتاب تحت اسم (معارك العقاد الأدبية).[2]

مؤلفات العقاد

تاريخ العقاد الطويل زاخر بالمؤلفات والكتب بداية من عام 1936 م حين تعطلت جريدة الضياء ليبدأ في التأليف والتحرير، فأنتج خلال هذه الفترة جُل أعماله التي ألف فيها 75 مؤلف وكتاب من أصل 100 طوال تاريخه، كما ترك قرابة من خمسة عشر ألف مقال، ومن مؤلفات العقاد على سبيل الذكر لا الحصر ما يلي:

  • خلاصة اليومية والشذور، الذي أصدر عن دار الهلال عام 1912 م.
  • الإنسان الثاني، عن مكانة المرأة واحترامها في العام 1913 م.
  • ساعات بين الكتب، في الفلسفة والشعر عام 1914 م.
  • الحكم المطلق، تحدث فيه عن الاستبداد عام 1928 م.
  • الفصول، مجموعة مقالات وخواطر اجتماعية عام 1929 م.
  • سعد زغلول، سيرة الساسي البارز عام 1936 م.
  • ديوان وحي الأربعين، وديوان أعاصير مغرب (1942).
  • الصديقة بنت الصديق، دراسة عن عمر بن أبي ربيعة (1943).
  • ابن الرومي، حياته من شعره.
  • عمرو بن العاص، دراسة أدبية عن جميل وبثينة (1944).
  • هذه الشجرة، الحسين بن علي، بلال بن رباح، داعي السماء، فرنسيس باكون، عرائس وشياطين، في بيتي (1945).
  • ابن سينا، أثر العرب في الحضارة الأوربية (1946).
  • الله، الفلسفة القرآنية (1947).
  • غاندي، عقائد المفكرين (1948).
  • التعريف بشكسبير (1958)
  • القرن العشرين.
  • ما كان وسيكون.
  • المرأة في القرآن.
  • عبد الرحمن الكواكبي (1959).
  • الثقافة العربية أسبق من الثقافة اليونانية والعبرية.
  • الإنسان في القرآن.
  • الشيخ محمد عبده (1961).
  • التفكير فريضة إسلامية (1962).
  • أشتات مجتمعات في اللغة والأدب (1963).
  • جوائز الأدب العالمية (1964).
  • أفيون الشعوب.

هذا بالإضافة إلى العديد من عشرات المؤلفات الأخرى وأبرزها سلسلة العبقريات التي هي محور حديثنا في هذا المقال والتي سنتحدث عنها بإيجاز.

عبقرية محمد

والذي يعتبر من أهم الكتب التي كتبها العقاد ودافع فيها عن النبي ﷺ ودافع عن شريعته، ورد بالبرهان عن الاتهامات التي وجهت للنبي ﷺ هذا بالإضافة إلى تحويل هذه الاتهامات إلى مواقف وفخر وعبقرية، فهو ليس سردًا للسرية الذاتية بقدر ما هو دفاع وإبراز لعبقرية النبي في المواقف المختلفة سواء عبقريته في الدعوة وفي السياسة والعبقرية الإدارية وفي شتى جوانب سيرته ﷺ.

عبقرية الصديق

فيه تحدث عن خليفة رسول الله ﷺ الأول أبو بكر الصديق وكذلك رد الاتهامات التي وجهت له من بعض المؤرخين بأسلوب علمي ومنهجي، بعيدًا عن التعصب بأسلوب سلسل، هذا بالإضافة إلى تحدثه عن مفاتيح شخصيته رضى الله عنه والإعجاب ببطولاته، وصداقته مع النبي ودوره في الزود عن الدين وحروبه.

عبقرية عمر

عبر هذا الكتاب تناول شخصية الخليفة الثاني والصحابي الجليل عمر بن الخطاب والذي وصفه بشخصية الجندي، وتحدث عن مؤهلاته للزعامة وولائه للإسلام وعن زعامته لقبيلته بن عدي، وكذلك عن اختيار أبو بكر الصديق له لخلافة المؤمنين من بعده وأنه كان من باب التوفيق لا المفاضلة، كما تحدث عن أخلاقه وصفاته ودافع فيه ضد أقوال وآراء المستشرقين.

عبقرية عثمان

تحدث عبره عن خليفة رسول الله ﷺ الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه، وعن أريحيته وديمقراطيته في الحكم التي أوصلت الناس لحد الجرأة على الحكام، ودافع فيه عن الخليفة ضد اتهامات بعض المؤرخين له بالضعف كما أشاد بدوره في استتباب الأمن بعد مقتل الفاروق عمر بن الخطاب، وكذلك عن الرخاء الي عم بلاد المسلمين خلال فترة حكمه.

عبقرية الإمام علي

ذكره فيه عبقرية الإمام على بن أبي طالب ومفاتيح شخصيته والذي وصفه بشخصية الفارس، كما تحدث عن ثقافته ونبوغه وفصاحته ويعاتب من يأخذوا عليه عدم لجؤه للخديعة والمكر في السياسة، كما ذكر حادثة مقتل الخليفة عثمان بن عفان ودوره فيها، بالإضافة إلى حديثه عن صفاته وشخصيته وقوة إرادته وحكمته، وبالنهاية لقبه بأبو الشهداء نتيجة الظروف التي واكبته فهو شهيد المحراب وقتل أثناء إمامة المسلمين.

عبقرية خالد

عرض فيه شخصية القائد الفذ خالد بن الوليد رضى الله عنه، بدأ من نشأته وصفاته وحياته وقبيلته ونسبه، وينتقل إلى إسلامه ودوره البارز في حياة الرسول ﷺ وكذلك خليفته الصديق من بعد وعمر ودوره العظيم في حروب الردة وفتح الإمبراطوريات الكبرى فارس والروم، كما تطرق لحادثة عزله أثناء فتوحات الشام وذكر مفاتيح شخصيته وعبقرياته الحربية التي لا مثيل لها والتي لا زالت إلى اليوم يُنظر إليها باحترام، ثم انتقل إلى نهايته حياة ووفاته.

وفاة العقاد

انتهت رحلة عباس العقاد وصاحب سلسلة العبقريات وغيرها من عشرات الكتب والمؤلفات في الثالث عشر من مارس عام 1964 م، عن عمر يناهز الأربع وسبعون عام ورغم هذا العمر إلا أن العقاد لم يتزوج نهائيًا برغم علاقاته وصدقاته الكثيرة مع النساء، ارتحل العقاد تاركًا خلفه إرث عظيم في الأدب وشتى المجالات.

بنهاية مقالنا عن من هو مؤلف سلسلة العبقريات في الأدب العربي نكون قد تحدثنا في عجالة عن حياة الأديب والمفكر عباس العقاد، وتطرقنا إلى بعض الجوانب البسيطة منها حتى وفاته.

اقرأ أيضًا:

المراجع

[2]britannica.comʿAbbās Maḥmūd al-ʿAqqād18/3/2021