رواية عشق الزوجية (كاملة حتى الفصل الاخير) بقلم عمرو علي

رواية عشق الزوجية

تزوجتها دون أن أراها.. تزوجتها لأني أجبرت على ذلك، ولكني أحببتها لأنها..
كانت ابنة عمي الذي لم أره من قبل، وحين فقدت أبويها في تلك الحادثة التي أفقدتها الحركة، لتظل باقي عمرها طريحة المقعد المتحرك..
في ليلة الزفاف كنت أشعر بالضجر، رغم معرفتي بأنها ابنة الرجل الذي أنقذ أبي من الموت في صباه..

كانت حادثة الجميع يعرفوها.. أثناء سير أبي وعمي أمام مدرستهما جاءت سيارة بسرعة جنونية كادت أن تقتل أبي، ولكن عمي دفعه بكل قوته، نجا أبي..
لكن عمي لم ينجُ بشكل كامل فقد دعست السيارة قدمه اليسرى، ليظل طوال حياته حاملًا ألم في قدمه محفور عليها وسام زاد من قلبه عظمة مكللة بعرفانٍ عليَّ أن أرده له حيًا كان أو ميتًا.. كانت تنظر لي من بعيدٍ وعلى ثغرها خوف بدى لي وكأنها تشعر كونها فريسة وقد عرفت للتو أنها قد تم اصطيادها للتو، خوفها جعل وجهها البض يتلون بروح الخوخ المتلألئ ببحيرتين زرقاوتين تشبها عين البشر، كانت جميلة للحد الذي يجعلني ألغي رحلة شهر العسل لألمس بعيني أصل الطبيعة..

رغم النفور الذي كان قد بدى على وجهي وقت دخولي لها، إلا أني ما أن رأيتها حتى تبدلت تعابيري بين الذهول والرغبة والتأمل.. تعابير متخبطة جعلت عقلي يتراقص بينهم وبين خليط الأفكار التي جعلت جسدي يرتعش.. مسكينة هي وحدها في مقابلة أسطول من المجانين قد تجمعوا في عقل واحد أمام عينيها.. كل ما فعلته أن اقتربت منها وقلت بتوتر:

– أنا شعيب ابن عمك وزوجك.. أنت جميلة جدا مثلما قالوا لي.
ترقرقت عينيها بالدمع، لا أعرف ما الذي قد أزعجها، لقد انتقيت كلماتي وها أنا أمدح في جمالها، هل كان عليَّ أن أمدح رقتها وأخلاقها في أول لقاء لنا، ولا أعرف لمَ أصر أبي أن يزوجنا دون أن نرى بعضنا! كيف سيكون كلامنا، كيف أعرف ماذا تحب أو تكره، لا أعلم لمَ جعلها القدر قعيدة.. أمثل هذا الجمال يظل عاجزًا مدى الدهر! عدت للواقع على صوتها الضعيف المهتز وهي تقول:

– هل تعرف اسمي؟ هل أجبرت على الزواج مني، هل تعرف عني أي شيء، في أي عمرٍ أنا، دراستي، أي شيء قد يخبرني بأن لي ميزة قد أعجبت ابن عمي ليتزوج من قعيدة غير أنها فقط ابنة عمه!

شعرت بالأسى عليها، عجزت عن الرد، فلا أعرف عنها سوى أن اسمها (تَلا) كنت أعرف أني أكبرها بخمسة أعوام، رغم أني دائمًا ما أنسى تاريخ ميلادي ولكني أتذكر أن أخبرني أنها أصغر مني بألفٍ من الأيام، قلت لها بعد صمتٍ طال وتبدلت فيه ملامحها من الألم للشراسة:

– حسنًا يا تَلا.. أنا أكبر منك بألف يوم، فعلا لم أسأل عن أي شيء يخصك، لم أتزوجك لأنك قعيدة مثلما تقولين، أنتِ ابنة عمي في المقام الأول، ولو لم تكوني هكذا لكنت وافقت أيضًا…

قاطعتني دون تفكير مسبقٌٍ منها:
– ولكنني لم أكن لأوافق، فلست انا من تتزوج من شخص لا تعرفه ولم ترَه، ولكن لأني معاقة أجبرتوني على ذلك، وكأني لا يحق لي الاختيار.. من سيكون بجانبك من سيرعاكِ، من من! وبالطبع أنت الحصان الرابح للغنيمة…

كنت أرى الكلمات تخرج منها بصعوبة وكأنها تدفعها بلسانها، غير متوافقة مع نبرتها أو نظراتها التي تحاول أن تجعلها صارمة، كانت كانت جارحة خاصة وأنها ثرية وأن من الجذور الفقيرة بالعائلة، بالفعل كنت أعرف أنه لم يكن ليحدث هذا لو لم يحدث ما حدث..

طأطأت رأسي لأسفل، شعور بالخذلان من أبي الذي أقنعني من البداية وشجعني على الزواج بها لألاقي وحدي إثم فقره فأقف لأستمع محاضرة عن كوني طامع خسيس، ابتسمت لها بازدراء متأكدًا بأن جمال الوجه ما هو إلا شيء خاسر نظير وجود المشاعر، أدرت ظهري لها مقررًا عدم خوض مناقشة معها فتصب على وجهي كؤوسها الباردة من الكلمات التي ألقتني أسفل الحضيض كونها تراني جشعًا.. أقفلت الباب عليها وتركتها وحدها.

للمتابعة اضغط على الصفحة التالية »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *